في عالم يعتقد البعض أن المال والدين لا يمكنهما التوازن، تظهر المحاسبة الإسلامية كجسر يربط بينهما.
بالإضافة إلى ذلك، تسلط الضوء على قيم ومبادئ الدين وتطبيقها في مجال المال والأعمال.
ومع ذلك، قد يتساءل البعض عن كيفية تأثير هذا النهج على الاقتصاد والأخلاق. سنقوم في هذه المقدمة بفحص هذه القضية بشكل أعمق واستكشاف دور المحاسبة الإسلامية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والأخلاقي.
ما هي المحاسبة الإسلامية .
بمنطق العدالة والأخلاق، تنبثق المحاسبة الإسلامية كنظام محاسبي يستند إلى القيم والمبادئ الشرعية الإسلامية.
يهدف هذا النظام إلى تحقيق التوازن المالي والأخلاقي من خلال مراعاة الأحكام الشرعية في جميع العمليات المحاسبية.
بالتركيز على العدالة والشفافية، تعكس الحسابات الشرعية التزاماً بتجنب المعاملات الربوية والمحرمة وتعزيز المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والأفراد.
إنها منهجية تعتمد على توجيهات الشريعة الإسلامية لضمان الإدارة الصحيحة والأخلاقية للأموال والموارد المالية.
أهمية المحاسبة الإسلامية .
تكتسب المحاسبة الإسلامية أهميةً بالغة في مختلف المجالات، لما تقدمه من فوائد جمة للأفراد والمجتمعات على حدٍ سواء، ونذكر من أهمها:
الامتثال للشريعة الإسلامية:
تعد المحاسبة الإسلامية أداة فعالة لضمان التزام المعاملات المالية بأحكام الشريعة الإسلامية، مما يجنب الأفراد والمؤسسات الوقوع في المحرمات كالمعاملات الربوية والقمارية.
تساهم في تحقيق الطمأنينة الدينية لدى المسلمين، لمعرفتهم أن أموالهم تدار وتستثمر وفقًا لمبادئ الإسلام.
تعزيز الشفافية والعدالة:
تؤكد الحسابات الشرعية على أهمية الشفافية في جميع المعاملات المالية، مما يتيح للمُستخدمين الاطلاع على المعلومات المالية بشكل دقيق وصحيح.
تساهم في ضمان توزيع الأرباح والخسائر بشكل عادل بين جميع أصحاب المصلحة، مما يعزز الثقة بينهم ويقلل من احتمالات النزاعات.
تحقيق التنمية المستدامة:
تشجع الحسابات الشرعية على الاستثمار الأخلاقي والمسؤول، مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة على المدى الطويل.
تركز على استخدام الأموال في مشاريع تفيد المجتمع وتساهم في رفع مستوى المعيشة.
دعم المسؤولية الاجتماعية:
تلزم الحسابات الشرعية الشركات والمؤسسات بتخصيص جزءٍ من أرباحها للمسؤولية الاجتماعية، مما يساهم في دعم المحتاجين ورعاية الفئات الضعيفة في المجتمع.
تعزز قيم التكافل والتضامن بين أفراد المجتمع.
تحسين أخلاقيات العمل:
تؤكد المحاسبة الإسلامية على أهمية الصدق والأمانة في جميع المعاملات المالية، مما يساهم في تحسين أخلاقيات العمل وتعزيز الثقة بين مختلف أطراف المعاملات.
تحارب ظاهرة الغش والتلاعب في البيانات المالية.
تعزيز الوعي المالي:
تساعد الحسابات الشرعية على نشر الوعي المالي بين أفراد المجتمع، مما يمكنهم من اتخاذ قرارات مالية سليمة تساهم في تحسين أوضاعهم الاقتصادية.
تشجع على الادخار والاستثمار المخطط.
جذب الاستثمارات الإسلامية:
توفر الحسابات الشرعية إطارًا منظمًا لاستثمار الأموال وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية، مما يساهم في جذب الاستثمارات الإسلامية من جميع أنحاء العالم.
مبادئ و معايير المحاسبة الإسلامية .
تعد مبادئ المحاسبة الإسلامية الأساس الذي تقوم عليه بنية هذا النظام المتميز، وتستمد من أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء.
وتشمل مبادئ الحسابات الشرعية ما يلي:
-
الاعتماد على الشريعة الإسلامية:
تعد الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي لمبادئ الحسابات الشرعية، ويجب أن تتوافق جميع الممارسات المحاسبية مع أحكامها.
يشمل ذلك الالتزام بالأحكام المتعلقة بالمعاملات المالية، مثل تحريم الربا والغرر، وتشجيع المعاملات العادلة والشفافة.
-
تحقيق العدل:
تؤكد المحاسبة الإسلامية على تحقيق العدالة بين جميع أطراف المعاملات المالية، بما في ذلك أصحاب الملكية والدائنين والمقرضين والعمال والمجتمع ككل.
يتطلب ذلك تسجيل جميع المعاملات المالية بدقة ووضوح، وتوزيع الأرباح بشكل عادل، وضمان حصول جميع الأطراف على حقوقها.
-
عدم توافر مبدأ الربا أو الفائدة:
تحرم الشريعة الإسلامية الربا بشكل قاطع، وبالتالي لا يسمح بتحصيل أو دفع أي فائدة على القروض أو الاستثمارات في ظل الحسابات الشرعية.
يتم استبدال مبدأ الربا بنظام المشاركة في الأرباح أو الخسائر، حيث يتشارك المقرض والمقترض في أرباح المشروع أو يتحملان الخسائر بشكل متناسب.
-
نوع التجارة التي تعمل المصارف الإسلامية على تمويلها:
تقتصر المحاسبة الإسلامية على تمويل المشاريع والأعمال المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، مثل تجارة السلع الحلال والمشاريع الإنتاجية.
لا يسمح بتمويل الأنشطة المحرمة، مثل تجارة الخمور أو القمار أو أي نشاط يلحق الضرر بالمجتمع.
-
الزكاة:
تلزم الحسابات الشرعية بحساب الزكاة وتوزيعها على مستحقيها، وذلك لضمان توزيع الثروة بشكل عادل وتحقيق التكافل الاجتماعي.
يتم احتساب الزكاة على جميع الأصول النقدية والربحية، مثل الأموال السائلة والأسهم والعقارات، وفقًا لنسب محددة.
-
الشفافية:
تؤكد الحسابات الشرعية على أهمية الشفافية في جميع المعاملات المالية، ويجب على الشركات والمؤسسات الإسلامية الكشف عن جميع معلوماتها المالية بشكل دقيق وواضح.
يتيح ذلك للمستثمرين والدائنين والمجتمع ككل تقييم المركز المالي لهذه الشركات والمؤسسات واتخاذ قرارات مستنيرة.
-
المسؤولية:
تؤكد الحسابات الشرعية على مسؤولية الفرد والمؤسسة عن أفعالهما المالية، ويجب على كل طرف أن يتحمل نتائج قراراته.
يتطلب ذلك اتباع ممارسات محاسبية سليمة وتجنب أي مخالفات لأحكام الشريعة الإسلامية.
-
المحافظة على الأموال:
تركز المحاسبة الإسلامية على الحفاظ على الأموال ومنع الإسراف، ويجب على الشركات والمؤسسات الإسلامية استخدام مواردها بشكل فعال وكفء.
يتطلب ذلك اتباع ميزانية محددة وتجنب أي إنفاق غير ضروري.
-
الدقة والموضوعية:
يجب أن تسجل جميع المعاملات المالية بدقة وموضوعية، دون أي تحيز أو تلاعب بالأرقام.
يتيح ذلك الحصول على صورة صحيحة للمركز المالي للشركة أو المؤسسة الإسلامية واتخاذ قرارات سليمة.
-
التدقيق الشرعي:
يجب أن تخضع جميع الممارسات المحاسبية الإسلامية لمراجعة وتدقيق من قبل خبراء مختصين في الشريعة الإسلامية.
يتيح ذلك ضمان التزام هذه الممارسات بأحكام الشريعة الإسلامية وتجنب أي مخالفات.
ما هو الفرق بين المحاسبة التقليدية والمحاسبة الإسلامية ؟
يعد الهدف الرئيسي من أي نظام محاسبي هو تنظيم وتحليل كافة المعاملات المالية التي تختص بالنشاط التجاري وتقديم البيانات المالية الصحيحة حتى يستطيع صاحب الشركة أو المؤسسة زيادة الاستثمار وإصدار قرارات سليمة تساعد في تطور العمل.
لذلك يمكننا القول إن كلا من الحسابات الشرعية والمحاسبة التقليدية يشتركان في نفس الغاية وهي تقديم كافة البيانات المالية التي تساعد الشخص على تنظيم عمله.
ولكن هناك فرقين رئيسيين بينهما وهما:
- كيفية التعامل مع البيانات وتفسيرها
المحاسبة الإسلامية :
يتم من خلالها معاملة العملاء بشفافية كاملة حول جميع البيانات المتعلقة بالعمليات المالية، حيث يتم توضيح جميع الجوانب المالية والشرعية لهم. وتكون هذه الجوانب متعلقة بالتعاملات التي يقومون بها، مما يبين لنا أن المحاسبة المالية تعتمد في المقام الأول على المبادئ الإسلامية في التعامل المالي.
المحاسبة التقليدية :
يتم فيها معاملة العملاء بشكل أقل شفافية، حيث قد يقتصر التوضيح على بعض البيانات المحددة المتعلقة بالنظام المحاسبي دون الانتباه الكافي للجوانب الشرعية أو الأخلاقية.
- مبدأ المحاسبة الشرعية
في النظام الإسلامي :
يتم التحقق من شرعية جميع البيانات المالية والعمليات التجارية التي يشارك فيها العملاء وذلك وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية. حيث يتم التحقق من أن كل نشاط مالي يتماشى مع المبادئ الشرعية، مما يعني أن البيانات المالية يتم التعامل معها بمبدأ تطبيق الحلال وتجنب الحرام.
في النظام التقليدي:
نجد أنه ينظر إلى البيانات المالية من منظور المصلحة المالية والاقتصادية، حيث تتم معالجة البيانات وفقًا لما يحقق أقصى قدر من الربح والفوائد المالية دون النظر والاهتمام إذا كان هذا يتماشى مع الشريعة الإسلامية أم لا.
ما هي خطوات البحث لبناء نظرية محاسبية إسلامية ؟
هناك مجموعة من الخطوات التي يمكن من خلالها بناء نظام محاسبي اسلامية منها:
- معرفة وفهم المفاهيم الإسلامية للمحاسبة
يجب أولاً فهم المفاهيم والقيم الإسلامية المتعلقة بالمحاسبة مثل مفهوم الشفافية والعدالة، ومنع الربا والإنفاق الصالح وقد يلزمنا ذلك دراسة الشريعة الإسلامية وفهم كيفية تطبيقها على المحاسبة.
- مراجعة الأدبيات الخاصة بالمحاسبة الإسلامية
يجب قراءة الأبحاث والمقالات والكتب التي تتناول الحسابات الشرعية لفهم التطورات والاتجاهات الحالية في هذا المجال .
- استعراض النماذج المحاسبية الإسلامية الحالية
يمكن دراسة النماذج والأنظمة المحاسبية القائمة والتحليل النقدي لها لفهم كيفية تطبيق المبادئ الإسلامية في الممارسات المحاسبية الحالية .
- تحليل الاحتياجات والمتطلبات
يجب تحديد احتياجات ومتطلبات المؤسسة أو السوق المستهدفة لنظام الحسابات الشرعية مثل الشفافية والتقارير المالية المفصلة وتحقيق العدالة المالية.
- معرفة المعالجات الحسابية لكافة قضايا ومشكلات المحاسبة
حتى نتمكن من حل أي مشكلة يمكن قد تحدث اثناء عمل بعض المعاملات المالية دون الوقوف امام المشكلة المحاسبية التي قد واجهتنا دون إيجاد حل لها .
- اختبار وتقييم النظام
بمجرد تطوير النظام المحاسبي الإسلامي يجب عمل اختبارات لضمان ان هذا النظام المحاسبي يلبي الاحتياجات والمتطلبات المحددة وأنه يعمل بكفاءة وفعالية.
مثال عملي للمحاسبة الاسلامية .
لنفترض أن الشركة A ترغب في شراء مجموعة من الملابس من مورد B بقيمة 10,000 دولار لبيعها في متجرها.
ومن الطبيعي أن يطلب المورد B دفع القيمة كاملة عند التسليم، ولكن الشركة A تفضل توسيع نشاطها بطرق مختلفة.
الشركة A تقرر الدخول في شراكة مع المورد B بنسبة 50-50.
وبالتالي، ستقوم الشركة A بتحمل نصف التكلفة والمورد B بتحمل النصف الآخر.
لذا، ستقوم الشركة A بدفع 5,000 دولار (نصف قيمة المشتريات) والمورد B سيتحمل الباقي 5,000 دولار.
عندما يتم بيع الملابس في المتجر، وتحقق أرباح بمقدار مثلاً 3,000 دولار، ستتم مشاركة هذه الأرباح بنسبة 50-50 بين الشركة A والمورد B.
لذا، ستحصل الشركة A على 1,500 دولار (نصف الأرباح)، وكذلك المورد B سيحصل على 1,500 دولار.
هذا المثال يوضح كيفية تطبيق المحاسبة الإسلامية في مثل هذه الحالات بدلاً من استخدام الفوائد الربوية، حيث يتم المشاركة في الأرباح والخسائر بين الشركاء بنسبة متفق عليها مسبقًا دون اللجوء إلى الربا.
دور هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية
هيئات المحاسبة والمراجعة تلعب دوراً حيوياً في ضمان الشفافية والنزاهة في الأنشطة المالية، بما في ذلك المؤسسات المالية الإسلامية. إليك بعض الأدوار الرئيسية التي تقوم بها هذه الهيئات:
- السعي لتطبيق المعايير المحاسبية الإسلامية
تقوم هيئات المحاسبة والمراجعة بوضع وتطبيق المعايير المحاسبية الإسلامية التي تنظم الأنشطة المالية والتجارية للمؤسسات المالية الإسلامية هذه المعايير تحدد كيفية تقديم التقارير المالية والمحاسبية بشكل يتماشى مع الشريعة الإسلامية.
- العمل على التطوير
حيث تهدف هيئة المحاسبة الي تطوير الفكر المحاسبي للمؤسسات المالية تبعا لأحكام الشريعة .
- المراجعة والتدقيق الداخلي
تقوم هيئات المحاسبة والمراجعة بتنفيذ عمليات التدقيق الداخلي للمؤسسات المالية الإسلامية للتحقق من مدى امتثالها للمعايير المحاسبية الإسلامية
- الرقابة والمراقبة
تقوم هذه الهيئات بمراقبة ورصد أداء المؤسسات المالية الإسلامية والتأكد من مدى الامتثال للمعايير والتشريعات المالية وتقديم التوجيهات والتوصيات اللازمة لتحسين الأداء وضمان النزاهة والشفافية.
- التثقيف والتوعية
تلعب هيئات المحاسبة والمراجعة دوراً مهماً في تثقيف الجمهور وزبائن المؤسسات المالية الإسلامية حول المعايير والممارسات المحاسبية الإسلامية، وتوعيتهم بأهمية الامتثال للشريعة الإسلامية في الأعمال المالية.
اتبع مبادئ المحاسبة الإسلامية بسهولة من خلال DEXEF.
يمكن استخدام برنامج محاسبة DEXEF لدعم مبادئ المحاسبة الإسلامية من خلال ميزاته العامة القوية لإدارة العمليات المالية. 
فيما يلي بعض الأمثلة على كيفية استخدام DEXEF لتحقيق التوافق مع المحاسبة الإسلامية
- تتبع المعاملات المالية
يسمح DEXEF بتسجيل جميع المعاملات المالية بدقة، بما في ذلك المبيعات والشراء والمدفوعات والنفقات.
يمكن ربط هذه المعاملات بحسابات محددة، مثل حساب الزكاة أو حساب الصدقات، لضمان الامتثال للمبادئ الإسلامية. - إدارة المخزون
يساعد DEXEF في تتبع حركة المخزون وتقييمه، مما يمنع الربا و التكسب من خلال احتكار السلع.
يمكن استخدامه أيضاً لتحديد تكلفة البضائع المباعة بدقة،
وهو أمر ضروري لحساب الزكاة على المخزون.
3.إنشاء التقارير
يوفر DEXEF مجموعة واسعة من التقارير المالية،
يمكن استخدامها لتتبع الأداء المالي للشركة وتحديد مجالات التحسين.
تشمل بعض التقارير المفيدة للمحاسبة الإسلامية تقارير عن الزكاة والصدقات والتبرعات.
- الأمان والتحكم
يقدم DEXEF ميزات أمان قوية لمنع الاحتيال والاختلاس.
يساعد ذلك على ضمان استخدام الأموال بشكل مسؤول وأخلاقي. - بالإضافة إلى ذلك:
يمكن دمج DEXEF مع برامج إسلامية أخرى، مثل برامج إدارة الزكاة،
لتوفير حلول محاسبية شاملة تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وسوف نختم حديثنا عن المحاسبة الاسلامية .
باختتامنا لهذا المقال حول المحاسبة الإسلامية، نجد أنها تمثل نهجًا فريدًا يجمع بين القيم الدينية والمبادئ المحاسبية.
ومن خلال توجيهنا للتفكير بأخلاقيات العدل والشفافية والتوازن في المعاملات المالية، نستطيع أن نبني نظامًا ماليًا مستدامًا ومرضيًا لله وللبشرية.
بالتالي، يتعين علينا أن نستمر في استكشاف وتطبيق مبادئ المحاسبة الإسلامية، ونضعها في سياقها المعاصر، لتحقيق التنمية المالية والاقتصادية التي تعزز العدالة والازدهار للجميع.
